کد مطلب:168311 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:199

العطش یشتد بالامام فی حملته الاخیرة
قال الخوارزمی: (فقصده القوم بالحرب من كلّ جانب، فجعل یحمل علیهم


ویحملون علیه، وهوفی ذلك یطلب الماء لیشرب منه شربة! [1] فكلّما حمل بفرسه علی الفرات حملوا علیه حتّی أجلوه عنه، ثمّ رماه رجل یُقال له أبواالحتوف الجعفی بسهم فوقع السهم فی جبهته، فنزع الحسین السهم و رمی به، فسال الدم


علی وجهه ولحیته، [2] فقال:

أللّهمّ قد تری ما أنا فیه من عبادك هؤلاء العُصاة العتاة! أللّهمّ فاحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولاتذر علی وجه الارض منهم أحداً، ولاتغفرلهم أبداً!

ثمّ حمل علیهم كاللیث المغضب، فجعل لایلحق أحداً إلاّ بعجه بسیفه وألحقه بالحضیض، والسهام تأخذه من كلّ ناحیة، وهو یتلقّاها بنحره وصدره، ویقول:

یا أُمّة السوء! بئسما خلفتم محمّداً(ع) فی عترته! أما إنّكم لن تقتلوا بعدی عبداً من عباد اللّه الصالحین فتهابوا قتله، بل یهون علیكم عند قتلكم إیّای، وایمُ اللّه إنّی لارجو أن یُكرمنی ربّی بهوانكم، ثمّ ینتقم منكم من حیث لاتشعرون!

فصاح به الحصین بن مالك السكونی: یا ابن فاطمة! بماذا ینتقم لك منّا؟

فقال:

یُلقی بأسكم بینكم، ویسفك دماءكم، ثم یصبّ علیك العذاب الالیم.


ثمّ جعل یُقاتل حتّی أصابته إثنتان وسبعون جراحة. [3] [4] .

أمّا الطبری فیروی هذه اللحظات الماءساویة عن لسان حمید بن مسلم قال:(كانت علیه جُبّة من خزّ، وكان معتمّاً وكان مخضوباً بالوسمة، وسمعته یقول قبل أن یُقتل، وهو یقاتل علی رجلیه قتال الفارس الشجاع، یتّقی الرمیّة، ویفترص العورة، ویشدّ علی الخیل، وهو یقول:

أعلی قتلی تحاثون!؟ أما واللّه لاتقتلون بعدی عبداً من عباد اللهِ اللّهُ أسخط علیكم لقتله منّی، و أیمُ اللّه إنّی لارجو أنْ یُكرمنی اللّه بهوانكم، ثمّ ینتقم لی


منكم من حیث لاتشعرون، أمّا واللّه أنْ لو قتلتمونی لقد ألقی اللّه بأسكم بینكم، وسفك دماءكم، ثمّ لایرضی لكم حتّی یضاعف لكم العذاب الالیم.

قال: ولقد مكث طویلاً من النها، ولو شاء الناس أن یقتلوه لفعلوا، ولكنّهم كان یتّقی بعضهم ببعض، ویحبّ هؤلاء أن یكفیهم هؤلاء!

قال: فنادی شمر فی الناس: ویحكم! ماذا تنتظرون بالرجل!؟ اقتلوه ثكلتكم أمّهاتكم!

قال: فحُملَ علیه من كلّ جانب فضُربت كفّه الیسری ضربة، ضربها زرعة بن شریك التمیمی، وضُرب علی عاتقه، ثمّ انصرفوا وهو ینوء ویكبو!). [5] .



[1] تطبق كتب التاريخ و التراجم علي ان الامام الحسين عليه السلام لم يشرب الماء يوم عاشوراء، حتي قضي شهيدا ظامئا قد فطر قلبه العطش الشديد، ولقد كانت الاوامر الصارمة قد صدرت الي الجيش الاموي من قبل قياداته بحرمان الامام عليه السلام و انصاره (رض) - بل و جميع من في ركبه - من الماء حتي يموتوا عطشا!

وظل هذا القرار حاكما حتي بعد ان صار الامام عليه السلام وحيدا قد تفطر قلبه عطشا، يقول ابوالفرج الاصبهاني: «وجعل الحسين يطلب الماء، و شمر - لعنه الله - يقول له: و الله لاترده اوترد النار! فقال له رجل: الا تري الي الفرات يا حسين كانه بطون الحيات! والله لاتذوقه او تموت عطشا! فقال الحسين: اللهم امته عطشا.

قال: والله لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني ماء. فيوتي بماء فيشرب حتي يخرج من فيه! و هو يقول: اسقوني، قتلني العطش! فلم يزل كذلك حتي مات». (مقاتل الطالبيين: 118).

الا ان هناك نصوصا شاذة تفيد ان الامام عليه السلام بعد ان صار وحيدا واشتد به العطش دعا بقدح من الماء، فاعطي، فلما وضعه في فمه الشريف رماه الحصين بن نمير(او تميم) بسهم، فاصابه في فمه، وحال بينه و بين شرب الماء ليشرب، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقي الدم من فمه و يرمي به، ثم يقول: اللهم احصهم عددا. (راجع: انساب الاشراف: 407:3).

او انه «عطش حسين فجاء رجل بماء فتناوله، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه فجعل يتلقي الدم بيده و يحمد الله» (راجع:سير اعلام النبلاء 302:3)، و يلاحظ ان هذا النص الاخير علي ابهامه لايفيد بالضروره انه تناول الماء اي شربه بل الاظهرانه تناول وعاء (قدح) الماء فحال سهم حصين بن تميم بينه وبين شرب الماء فلم يشربه، هذا علي فرض صحة الخبرو دقة النص! و هو كما تري!.

[2] يروي ابن عساكر بسند عن مسلم بن رباح - مولي لعليّ بن ابي طالب عليه السلام - انه قال: «كنت مع الحسين بن علي يوم قتل، فرمي في وجهه بنشابه فقال لي: يا مسلم، ادن يديك من الدم. فادنيتهما، فلما امتلاتا قال: اسكبه في يدي. فسكبته في يده، فنفح بهما الي السماء و قال: اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك!

قال مسلم: فما وقع منه الي الارض قطرة!». (راجع: تاريخ ابن عساكر، ترجمة الامام الحسين عليه السلام - تحقيق المحمودي 2345، رقم 281).

[3] هذا العدد من الجراحات حتي تلكم اللحظه من القتال، و الافان الروايات قد تفاوتت في مجموع عدد الاصابات التي تعرض لها الامام عليه السلام حتي لحظه استشهاده، فقد روي الشيخ الصدوق في اماليه عن الامام الباقر عليه السلام قال: اصيب الحسين بن علي عليه السلام ووجد به ثلاثمائه و بضعة وعشرين طعنة برمح او ضربة بسيف او رميه بسهم فروي انها كانت كلها في مقدمه لانه عليه السلام كان لايولي! «(امالي الصدوق: 139 المجلس 31 حديث رقم 1)، و قال الخوارزمي: «وروي انه وجد في قميصه مائه وبضع عشره ما بين رميه و طعنه وضربه، وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام: وجد فيه ثلاث و ثلاثون طعنه، واربع و ثلاثون ضربه». (مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 42:2)، وروي الشيخ الطوسي بسنده عن معاذ بن مسلم قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: وجد بالحسين بن علي نيف وسبعون ضربه بالسيف. (امالي الطوسي: 677، و راجع: انساب الاشراف 409:3)، و قال ابن شهر آشوب: «وروي ثلاثمائه و ستون جراحه، و قيل: ثلاث و ثلاثون ضربه سوي السهام، وقيل: الف و تسعمائه جراحه، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ، و روي انها كانت كلها في مقدمه!» (مناقب آل ابي طالب عليهم السلام 111:4)، و انظر ايضا: الحدائق الورديه: 123، و تاج المواليد: 107، وتذكره الخواص: 228، ومروج الذهب 71:3، و تاريخ الطبري: 334:3، ومرآة الزمان: 133:1، وروضة الواعظين: 189، و غير هذه المصادر.

[4] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 2: 38-39.

[5] تاريخ الطبري: 334:3 اما الشيخ المفيد (ره) فقد روي هذا الموقف عن حميد بن مسلم هكذا: «فوالله ما رايت مكثورا قط قد قتل ولده و اهل بيته واصحابه اربط جاشا، ولاامضي جنانا منه عليه السلام، ان كانت الرجالة لتشدّ عليها بسيفه فتنكشف عن يميمنه و شماله انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب! فلما راي ذلك شمر بن ذي الجوشن استدعي الفرسان فصاروا في ظهورالرجاله، و امرالرماه ان يرموه، فرشقوه بالسهام حتي صار كالقنفذ! فاحجم عنهم، فوقفوا بازائه، و خرجت اخته زينب الي باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن ابي وقاص: ويحك يا عمر! يقتل ابوعبدالله و انت تنظر اليه!؟ فلم يجبها عمر بشيء، فنادت: ويحكم اما فيكم مسلم!؟ فلم يجبها احد بشيء، و نادي شمر بن ذي الجوشن الفرسان و الرجال فقال: ويحكم! ما تنظرون بالرجل؟ ثكلتكم امهاتكم. فحمل عليه من كل جانب، فضربه زرعة بن شريك علي كفه (كتفه) اليسري فقطعها، و ضربه آخر منهم علي عاتقه فكبا منها لوجهه، و طعنه سنان بن انس بالرمح فصرعه...». (الارشاد: 2: 111-112)، وفي اللهوف: 175: «و خرجت زينب من باب الفسطاط و هي تنادي: وا اخاه! وا سيداه! و اهل بيتاه! ليت السماء انطبقت علي الارض، و ليت الجبال تدكدكت علي السهل!».